بسبب تجاهل جمارك سبتة ومليلية.. أطراف إسبانية يمينية تعتبر أن الرباط الطرف الرابح من الاجتماع رفيع المستوى في مدريد
أثارت نتائج الاجتماع رفيع المستوى الأخير بين المغرب وإسبانيا، المنعقد أول أمس الخميس في مدريد، ردود فعل غاضبة داخل الأوساط اليمينية الإسبانية، خصوصا بعد غياب أي إشارة صريحة إلى ملف جمارك سبتة ومليلية، وهو ما اعتبرته هذه الأطراف أن الرباط خرجت "الرابح الأكبر" من اللقاء الثنائي.
وفي هذا السياق، أعرب خوان سيرخيو ريدوندو، رئيس حزب "فوكس" اليميني المتطرف، في سبتة، وفق ما نقلته مصادر إعلامية إسبانية، عن رفضه الشديد لما وصفه بـ"الصمت المتواطئ" من جانب حكومة بيدرو سانشيز، مدعيا أن عدم إدراج وضعية المدينتين وملفاتهما، مثل الجمارك الحدودية، في نقاشات الاجتماع يمثل "استسلاما مخزيا" لصالح المغرب.
ووفق ريدوندو، فإن الرباط تمكنت خلال هذا اللقاء من فرض أولوياتها، بينما امتنعت مدريد مرة أخرى عن مناقشة الملفات الحساسة المتعلقة بالهجرة غير النظامية، ونقص الموارد على الحدود، وشلل الجمارك التجارية التي "لم تُفعَّل رغم سنوات من الوعود والصور الرسمية".
ووجّه ريدوندو انتقادات مباشرة إلى حكومة سانشيز، متهما إياها باعتماد سياسة "الصمت المريب" التي تضعف موقف إسبانيا في علاقتها مع الرباط، حيث ادعى أن هذه السياسة "تنقل رسالة خاطئة للمغرب مفادها أنه يستطيع مواصلة الضغط دون أي عواقب".
كما وجه السياسي الإسباني ذاته انتقادات لرئيس مدينة سبتة، خوان فيفاس، متهما إياه بـ"الصمت والموافقة" على ما يجري، في وقت ترتفع فيه الأصوات الاحتجاجية في مليلية، حيث اعتبر أن "الولاء المؤسسي" الذي يبديه فيفاس في هذا السياق هو "ولاء جبان".
هذا وترى الأوساط اليمينية الإسبانية أن غياب التطرق لملف الجمارك التجارية في الاجتماع الأخير هو مؤشر إضافي على أن سبتة ومليلية تُعاملان كـ"ملف ثانوي" في المفاوضات الثنائية، ولا سيما أن العديد من الفاعلين الاقتصاديين في كل من سبتة ومليلية كانوا قد وجهوا نداءات للحكومة الإسبانية بمناقشة ملف الجمارك التجارية مع الحكومة المغربية خلال الاجتماع الرفيع المستوى.
وحسب البيان المشترك والاتفاقيات التي تم إبرامها، فإنه بالفعل لم يتم الإشارة إلى المدينتين المحتلتين في شمال المغرب، بأي إشارة واضحة أو مباشرة، مما يُبقي تساؤلات لدى العديد من المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في المدينتين، خاصة أنهم اشتكوا من أن تقييد حرية تنقل البضائع يضر باقتصاد المدينتين.
غير أن قراءات العديد من المتتبعين لملف الجمارك التجارية بكل من سبتة ومليلية، يرون أن الرباط لا يُمكنها أن تسمح بأكثر مما سمحت به، وهو إحداث جمارك تجارية بصيغة "خاصة" لا تشبه الجمارك الحدودية المعروفة دوليا، مع تقييد حركة تنقل البضائع بناء على أنواع وأحجام محددة.
ويرجع هذا "التقييد" من طرف المغرب، بالنظر إلى موقفه من مدينتي سبتة ومليلية، حيث يعتبرهما مدينتان مغربيتان محتلتان من طرف إسبانيا، وبالتالي لا يُمكن أن يسمح بافتتاح جمارك تجارية حدودية بمعايير الجمارك الحدودية التي تكون بين البلدان، لأن ذلك سيُحسب كاعتراف رسمي من المغرب بسيادة إسبانيا على المدينتين.
